كثيرون كتبوا عن حياة الترهّب، وكثيرون أيضًا رسموا رهبانًا معيّنين وصوّروا فضائلهم. بيد أنّ قلّةً قليلة صوّرت الحياة الرهبانيّة بالرسم والألوان. لا شكّ في أنّ الأيقونة التي سنتكلّم عليها نادرة، وربّما لم يرها القارئ في حياته ولن يراها، لكنّها تنتمي إلى التقليد الإيقونوغرافيّ، وتصميمها كما سنقدّمه يعود إلى العصور الوسيطة.
تهتمّ أيقونات الراهب بتصوير حياته الداخليّة وصراعه الروحيّ أكثر من تصوير حياته الخارجيّة وبرنامجه اليوميّ والأجواء الديريّة.
لذلك ينتمي هذا النوع من الأيقونات إلى فئة الأيقونات اللاهوتيّة.
إذ نذكّر القارئ بتصنيف الأيقونات الشائع في الدراسات النقديّة:
أيقونات شخصيّة (تصوّر الشخصيّة في بورتريه)، أيقونات تاريخيّة (تصوّر أحداثًا تاريخيّة)، أيقونات تعظيميّة (تصوّر الشخصيّة في مجدها)، أيقونات لاهوتيّة (تصوّر قضايا لاهوتيّة)
الراهب
يظهر الراهب في أيقونة الترهّب مصلوبًا على صليب، ويلبس ثوبه الرهبانيّ الأسود، ويغطّي الإسكيم رأسه علامةً على الجهاد الروحيّ الذي نوى أن يجاهده. رجلاه حافيتان ومسمّرتان على الصليب، لأنّه صلب نفسه عن العالم، يخفض نظره ويغلق فمه، وفوق القائم الأفقيّ للصليب وبالتوازي معه كُتِبَت العبارة التالية: «اجعل يا ربّ حارسًا لفمي وبابًا حصينًا على شفتيّ». ذراعاه مفتوحان ولكنّهما ليسا مثبّتَين بمسامير إلى الصليب، ويحمل بيديه مشعَلَين متّقدَين، وبالقرب منهما هذه