التأمّل في أيقونة أحداث القيامة


تسمّى هذه الأيقونة: ظهور يسوع لمريم المجدليّة. لكنّها لا تصوّر هذا الحدث وحده، بل كثيرًا من أحداث القيامة. لكنّها سُمّيَت بهذا الاسم لأنّها تلحّ على حادثة ظهور يسوع لمريم المجدليّة، فتصوّره في عدّة مشاهد.
هذه الأيقونة تنتمي إلى النمط الروائيّ، حيث نجد الحدث وما حول الحدث، وربّما نجد الحدث مكرّرًا، كتصوير ظهور يسوع لمريم المجدليّة مرّتين، من أجل اكتمال الرواية. في الأعلى على اليسار تظهر الجلجلة، ثلاثة صلبانٍ فارغة، والسلّم يشير إلى تنزيل الأجساد عن الصليب. إنّه موضوع على صليب المسيح لأنّه آخر مَن أنزِلَ. فبعد أن كسر الجنود سوق اللصّين الّذَين صُلِبا مع يسوع، أتوا إليه فوجدوه قد مات، فطعنه جنديّ بالحربة.
في الأعلى بالوسط تظهر أورشليم. مبنى ضخم هو الهيكل وطبقاته. إذا توجّهنا قليلاً نحو اليمين نجد مدينة بيت عنيا، حيث أقام يسوع لعازر من بين الأموات. بين أورشليم وبيت عنيا جبل فيه مغارة. إنّه قبر المسيح، ويظهر يوحنّا وقد وصل إلى القبر ورأى الحجر مدحرجًا، يلحقه بطرس الذي سيدخل إلى القبر ويرى مع يوحنّا الأكفان.
يظهر ملاك يجلس على القبر المفتوح، وثلاث نسوة يحملن الطيب وخائفات، والملاك يخاطبهنّ بالعبارة المكتوبة إلى جانب رأسه: «لمَ تبحثن عن الحيّ بين الأموات؟ إنّه ليس هنا، لقد قام».
في وسط الأيقونة تقريبًا، تحت الجلجلة، ملاكان قائمان عند القبر. واحد يشير بيده إلى الأكفان والثاني يخاطب مريم بهذه العبارة المكتوبة عند رأسه: «لماذا تبكين أيّتها المرأة؟»، وتجيب مريم (بعبارةٍ مكتوبة عند رأسها): «أخذوا ربّي ولا أدري أين وضعوه».
تحت هذا المشهد، إلى أقصى اليسار، يظهر يسوع لأمّه مريم ولمريم المجدليّة. لا شكّ في أنّ الأناجيل لا تخبرنا بأنّ يسوع ظهر لأمّه، لكنّ تقليدًا قديمًا يعود إلى زمن الرسل يروي ظهور يسوع لأمّه مريم، بل ويقول إنّ يسوع ظهر لأمّه قبل أن يظهر لأيٍّ كان. 
وبناءً على هذا التقليد درجت الإيقونوغرافيا البيزنطيّة في أيقوناتٍ عدّة تتناول موضوع ظهور يسوع لمريم المجدليّة أن تضع معها مريم العذراء. نتعرّف إلى مريم العذراء من وشاحها الّذي اعتدنا أن نراها تلبسه في أيقوناتها، بالإضافة إلى النجوم الثلاثة التي تظهر الوشاح عند الرأس وعلى الكتفين. أمّا مريم المجدليّة فتظهر مكشوفة الرأس. المرأتان تسجدان، المجدليّة إلى الأرض احترامًا، والعذراء تنهض بعض الشيء لتنال بركة ابنها وتمتّع عينيها برؤيته بعد كلّ ما عانته في يوم الجمعة العظيمة. وحركة يداها تدلاّن على الشوق والحبّ.
المشهد الأماميّ والرئيس في الأيقونة: مريم المجدليّة ويسوع المسيح. يظهر المسيح بثوبٍ مذهّب. إنّه في مجده، وتظهر على يديه آثار المسامير، والثوب يكشف عن جنبه المطعون. وتصوّر مريم المجدليّة تهمّ بالإمساك بيسوع بعد أن عرفته، وأمام وجهها الحوار مع يسوع. الكلام باللون الأحمر هو كلامها: «سيّدي، إذا كنتَ أنتَ قد ذهبتَ به فقل لي أين وضعته، وأنا آخذه». والكلام باللون الأسود هو كلام يسوع: «لا تمسكيني، إنّي لم أصعد بعدُ إلى أبي». 
أمّا القارورة التي بين المجدليّة والمسيح فهي قارورة الطيب التي جلبتها لتضعها على جثمانه الميت.
هذه الأيقونة تنتمي إلى النمط الروائيّ، حيث نجد الحدث وما حول الحدث، وربّما نجد الحدث مكرّرًا، كتصوير ظهور يسوع لمريم المجدليّة مرّتين، من أجل اكتمال الرواية.



الأب سامي حلّاق اليسوعيّ
jespro.org